ريمونتادا للأحزاب السياسية في انتخابات المهندسين والنقابة تنتحب
اكتسحت الأحزاب السياسية انتخابات نقابة المهندسين بفوز جميع مرشحيها لعضوية هيئة النقابة ومجلس النقابة، بعد أقل من عام على الفوز التاريخي للمجتمع المدني وقوى الحراك وسيطرتهم على النقابة، الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول تبدّل المزاج العام للمهندسين وعودتهم إلى عباءة الأحزاب.
فعندما فازت النقابة تنتفض بالاستحقاق النقابي العام الفائت، رأى البعض أن هذه الخطوة هي آخر لحظة لسيطرة الأحزاب السياسيّة، وأن العهد القادم في النقابة وغيرها من النقابات سيكون للحراك الذي بدأت شرارته في 17 تشرين، والبعض الآخر راح إلى أبعد من ذلك، إذ عوّل على انسحاب هذا الأمر على الانتخابات النيابية القادمة.
النتيجة التي حصلت في هذه الانتخابات كانت مفاجئة للجميع باستثناء المهندسين، فالمهندسون يدركون جيّدًا الوضع الذي وصلت إليه نقابتهم في عهد نقيب الحراك عارف ياسين، فالكثير من التجاوزات حصلت، لعلّ أبرزها المناقصة لاختيار شركة تأمين بعد انتهاء عقد شركة gmi، التي رافقها الكثير من الارتياب وانعدام الشفافية.
وبحسب مصدر خاص لأحوال ففي عهود النقابات السابقة كانت تتقدم العديد من شركات التأمين للنقابة ضمن دفتر شروط مدروس ووفق قانون المناقصات، وكانت تتم العملية بكل شفافيّة وبكل نزاهة، ولكن عندما وصلت النقابة تنتفض حصل العكس تمامًا، ففي شباط المنصرم وضعت النقابة دفتر شروط سيّء للغاية لا يرسى على أي شركة، فقامت شركة gmi بمراسلة النقابة وأبلغتها بأن لديها مجموعة من الشروط إن قبلت بها فإنها ستعود إلى النقابة، وهذا يعد مخالفة فاضحة لشفافية المناقصات، فقبلت النقابة بذلك وعدّلت دفتر شروطها ليتناسب مع الشركة المذكورة، هنا شركة medgulf راسلت النقابة وعرضت عليها مجموعة من الشروط لتجيب النقابة بالسلب، تحت حجّة أن هذا الإجراء يتنافى مع القانون.
وأكّد المصدر أن الطامّة الكبرى كانت في رفع قيمة التأمينات للمهندسين ستّة أضعاف عمّا كانت عليه سابقا، عكس كل الشعارات التي رفعتها النقابة في الانتخابات السابقة والتي كان عنوانها المهندس أولا ولا رفع لبدلات التأمين، أضف إلى ذلك زيادة رسوم البناء، فهناك فوضى عارمة في التراخيص ورسوم العقارات والبناء، حيث زادت بشكل خيالي على المهندس .
النقابة تمتلك في العديد من المصارف اللبنانية ما يزيد عن 460 مليون دولار، علمًا أن المصارف تأخذ من النقابة بالليرة اللبنانيّة وتحوّلهم على الدولار بموجب السعر الرسمي 1515، وهنا برزت من داخل النقابة أصوات عملت على توتير الأجواء بين النقابة والمصارف وعكّرت الأجواء بشكل كبير، كذلك جرت توترات بين النقابة ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وكل ذلك تحت شعارات سطحية بهدف البروباغاندا والاستعراض وتضر بمصلحة المهندس، وفق ما ذكر المصدر.
هذه الإجراءات استفاد منها المعارضون للنقابة تنتفض، وهم بطبيعة الحال الأحزاب السياسية، وقد عملوا طوال الفترة التي سبقت انتخابات النقابة على التحشيد الإعلامي ضدها، مستخدمين كل الخطوات التي انتهجتها عن قصد أو عن غير قصد، بدءً ممّا ذكرناه أعلاه وليس انتهاءً بتحويل النقابة إلى برجوازية حاكمة والعمل ضد مصلحة المهندس وعدم الاكتراث لوضعه المعيشي الصعب، عدا عن آداء النقيب وتصرفه بشخصانية وبأسلوب غير مسؤول وإجباره المهندسين على دفع اشتراكاتهم نقدًا عوضًا عن الشيك المصرفي أو بطاقة الإئتمان، لتأتي النتجية وخيمة على النقابة، وفق ما عبّر المصدر.
ربما لم تكلّف الأحزاب نفسها عناء رصّ صفوفها بعد التسونامي الذي حصل معها العام الفائت لخوض الاستحقاق النقابي الجديد، واكتفت بعثرات الحراك المدني الذي أثار غضب المهندسين، فتُرجم غضبهم أصواتًا مؤيدة للأحزاب ومعارضة للحراك، فهل الذي حصل في نقابة المهندسين ينسحب على باقي النقابات وعلى الانتخابات النيابية التي باتت على الأبواب؟ سؤال من الصعب الإجابة عليه الآن، لكن من المؤكّد أن المزاج يتغيّر ويغيّر معه كل المعادلات.